من كان يظن، قبل عامٍ فقط، أن جنديًا في تنظيم القاعدة في العراق، وزعيم فرعها "جبهة النصرة" في سوريا، ثم قائد "فتح الشام"، سيُستقبل في موسكو من قبل عدوه السابق بوتين، الذي هزمه في سوريا وفتح دمشق؟
بل يُستقبل استقبالًا دبلوماسيًا رفيع المستوى، يليق بفخامة الرئيس السوري أحمد الشرع (الجولاني)...!
لقد أثبت رئيس سوريا، وفاتح دمشق، أنه نهل بعمق من منابع السياسة الشرعية، وفهم قواعد اللعبة السياسية العالمية، فتمكّن خلال عامٍ واحد فقط من إسقاط نظام الفارّ، وطرد إيران، وسحق فيلقها وميليشياتها البائسة من أرض الشام.
حين يجتمع الوعي بالسنن الشرعية والنواميس الكونية، حتى في نظامٍ حديثٍ وضعيفٍ ماديًا، فإن ذلك كفيلٌ بصناعة لاعبٍ بارعٍ على حبال التوازنات الجيوسياسية، بكفاءةٍ عاليةٍ ومطلوبة.
اليوم، تتحرك سوريا في فضاء العلاقات الدولية على قاعدة "رابح/رابح"، وهي القاعدة الوحيدة التي تضمن سيادة العواصم، وتُزيل عن أنظمتها عار التبعية، بما يتعارض مع مصالح الشعوب.
لقد خلصت نية السوريين حين كانوا يصرخون في وجه احتلالٍ ثلاثي (روسيا، إيران، ونظام الأسد)، بينما سمح العالم لنفسه أن يتفرّج:
"ما لنا غيرك يا الله!"
فاستجاب الله، ونصرهم، وأعزهم، وهزم أعداءهم، وهشم كبرياء المنهزمين تحت أقدام مجاهدي الثورة السورية المباركة والمنتصرة.
انطلق قطار سوريا في سكة النهضة الشاملة، في كل مجال.
وولد النظام الجديد فريقًا متمكنًا، يعمل بمبدأ "الرجل المناسب في المكان المناسب"، وارتقى بمستوى حرية التعبير وانتقاد التسيير، في ظل الدولة وجناحها.
ومن الطبيعي أن يكون لكل صانع تاريخ أعداء من حثالاته، ممن انهزموا فكريًا، ودُعسوا واقعيًا.
الرئيس أحمد الشرع لا يرى الآن إلا مصلحة سوريا، ضمن سيادتها الهوياتية والاقتصادية.
وككل صُنّاع التاريخ، لا يُعيره اهتمامًا لانتقاداتٍ تصل إلى حدّ العواء، يعرف جيدًا مادة حناجرها اليائسة.
من ينتصر، يقرر.
وقد انتصر، وقرر:
سوريا نحو المجد.
سوريا اليوم ليست مجرد خريطة على ورق، بل إرادةٌ تتوهّج، وقرارٌ يُصاغ من رحم الثورة، ومجدٌ يُكتب بأيدي أبنائها.
من أراد أن يرى التاريخ حيًّا، فلينظر إلى دمشق وهي تنهض من تحت الركام، وتُعيد رسم ملامح الشرق من جديد.
لقد بدأ زمن السيادة، وانتهى زمن الوصاية.
والشعب الذي قال: "ما لنا غيرك يا الله"
هو الشعب الذي قالها، فصَدَق، فانتصر.
سوريا نحو المجد... والمجد لا يُورث، بل يُنتزع.
عبد الحليم 🖊