أثبت هذه الأحداث من خلال وجهات نظر من خارج الحدود المغربية شرقا و غربا أن المغرب مستهدف حقيقة في استقراره و أن الكثير من الصيادين في المستنقعات الآسنة قد تجهزوا لصيدهم إشعالا لكل نار و النفخ في لهيبها..
إن بلادنا في منعطف تاريخي حاسم فلا يمكن لبراكين التأجيل و التسويف و الكذب في الأرقام و إخفاء مؤشرات التخلف المنحطة و تضخيم المديونية الخارجية و الداخلية و غيرها إلا أن تنفجر في وجه الجميع البوم أو غدا فحبل الكذب مهما طال قصير و لا يصح إلا الصحيح …
في هذه العوارض المختصرة نشير بهدوء إلى أشياء مهمة من خلال الأحداث و المآلات :
ــ تحامل اغلب الإعلاميين في الخارج على الواقع المغربي و تضخيم السيء و غض الطرف عن المكتسبات و الانجازات المغربية و محاولة تحويل الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح و تغيير الحكومة إلى تصويرها ثورة شعب على نظامه بلغة صراع و حرب لا تؤدي إلا إلى الخراب ..
ــ تَوضَّحَ فشل الدولة الكبير إعلامياً في زمن الإعلام و العجز بين في تسويق المعطيات الصحيحة و تصحيح الموجود و مقابلة اخبار السوء بالحقيقة في سياق تخلف شامل في المجال الإعلامي السمعي البصري قلبا و قالبا لا من ناحية المحتوى المطروح و لا في جودة التقييم و التشخيص و التحليل و لا من حيث التقنيات المختلفة و يكفي عدم تحرير الإعلام في زمن الرقميات عنوانا لهذا الاندحار ..
ــ هزالة المستوى الثقافي عند اليوتوبورات و الإعلاميين المغاربة مقارنة بالمشارقة و الغربيين و اهتمامهم بمواضيع تافهة عبثية تؤسس لأنواع من الفساد و ان حاولوا لمس الواقع فلا لغة تسعفهم و لا معطيات عندهم…
ــ النخبة عندنا بكل تشكيلاتهم المرجعية و تخصصاتهم يعيشون ارتباكا حقيقيا في مواقفهم في فتنة تبوح بها كلماتهم ، و إن وعي المثقف المهزوز المرتبك تصنع فتنة في الوعي الجمعي بكل ارتباك و اهتزاز ،و ينعكس فراغ ساحة التوجيه و تسجيل المواقف الصحيحة من طرف هؤلاء على الشارع و خاصة الصغار فلا يدركون حجم المسؤولية و لا تبعات أي كلمة أو فعل على مسار التغيير الحتمي..
ــ موقف المغرب يحتاج قرارا واضحا بخصوص الحل الوحيد الواضح ، و هي فرصة حقيقية للمغاربة لصناعة ثورة حقيقية يقودها الملك لتفعيل هذا القرار / الحل الوحيد و هو التغيير الجذري لمنظومة التسيير كلها في تفاعل الشارع الايجابي مع هذا القرار ..قرار يجسد ثورة حقيقية على النظام الكارثي الذي تسير به الدولة و الذي ان استمر هكذا فلن ينجوا احد من تبعاته الكارثية و لنا تجارب حية في ما جرى و يجري في المنطقة العربية ، نعم لن ينجوا أحد من هول ما ان فُقدت السيطرة على الطفل الكبير / الشارع..
ــ مطالب الشارع الان مطالب سطحية يلزم تعميقها و توسيعها و هي الان تشير لبعض مكامن الداء لكنها لا تشخص الداء نفسه و هذا دور النخب ، و تحتاج إلى توسيع المطالب لتتجلى الموضوعية ..فالمغرب لا يكتوي فقط من التعليم و الطب مثلا و الاكتفاء بالوقوف على هذه القطاعات فقط بل هي منظومة متكاملة من براغل فاسدة في آلة الحكم ..الصحيح هو أن هناك ترابطات عضوية بين كل المجالات ، فلا تعليم بلا صحة و لا صحة بلا سكن لائق و لا سكن لائق من دون قوة اقتصاد يعود على الدخل ….و هكذا لا يمكن ان تلغي مجالا عن المجالات الأخرى فالمطلوب ايجاد منظومة تسيير اخرى و من دون الغاء المكتسبات الايجابية في كل منحى..
ــ نسجل بإيجابية تدارك الدولة لخطئها الجسيم في استعمال المقاربة الامنية في اول الاحتجاجات و عودتها لدورها الطبيعي المحدد في تنظيم المسيرات و مواجهة المتسللين من المخربين…
جنب الله بلدنا كل سوء ..
عبد الحليم 🖊