كان جالسًا أمام الباب المغلق، لا ينتظر أحدًا
الضوء يتسلل من شقٍ في الجدار،
كأنه تذكيرٌ بأن العالم لا يزال موجودًا،
وأن الوقت، رغم كل شيء، لا يتوقف.
لم يكن يعرف إن كان قد أخطأ،
لكن الشعور بالذنب كان حاضرًا،
كضيفٍ لا يُغادر،
يطلب الشاي،
ويحدّق في وجهه دون أن يتكلم.
كل شيء فيه كان يتصارع:
الرغبة في الاعتراف،
الخوف من الاعتراف،
الحنين إلى لحظةٍ لم تحدث،
والندم على لحظةٍ لم يكن فيها حاضرًا.
الداخل لا ينام،
هو الوحيد الذي يبقى مستيقظًا حين تُغلق العينان،
يُعيد له المشهد،
لكن من زاويةٍ أخرى،
أكثر قسوة،
أكثر صدقًا.
قال لنفسه:
"إن لم أتكلم، سأبقى هنا إلى الأبد."
ثم صمت،
لأن الكلام كان أثقل من الجدران،
ولأن الداخل لا يُشفى،
هو الجرح الذي يتعلم كيف يتنفس،
لا كيف يُغلق.
ثم جاءت.
لا من الباب،
ولا من الجدار،
بل من جهةٍ لا تُرى،
كأنها انبثقت من فكرةٍ قديمة،
أو من صلاةٍ نسي أن يُكملها.
جلست أمامه،
لم تسأله شيئًا،
لم تُفسّر له شيئًا،
بل مدّت يدها،
وربّتت على الداخل،
كأنها تعرفه،
كأنها كانت فيه.
قالت له دون صوت:
"أنا مرآتك،
لكنني لا أعكسك،
أنا أُكملك."
ومن تلك اللحظة،
لم يعد الداخل سجناً،
بل نافذة،
تُطلّ على سماءٍ لا تُرى،
لكنها تُشعره بأنه ليس وحده.
هناء مبارك✍

