عندما يعلنون أن المظاهرات سلمية وسليمة وهدفها مطلبي مجتمعي صرف، ينحصر في تحسين الصحة من مستشفيات وأجهزة طبية وكفاية أطباء وأدوية وخدمات في المستوى… وفي تحسين جودة التعليم من أطر ومناهج ومدارس ومرافق كافية في المدن كما في القرى… وفي تحسين القدرة الشرائية للمواطنين بإيجاد فرص الشغل ورفع الأجور وضبط أثمنة البضائع ومراقبة الاحتكار ومحاربة الغش…
وفي تحسين ظروف التقاضي بمحاربة الرشاوى وشواهد الزور وترسيخ العدل… وربط المسؤلية بالمحاسبة والمعاقبة عند الاقتضاء وليس الإعفاء فقط وعفى الله عما سلف (مقولة سيء الذكر)
وبعد هذا وقبله تكون هذه المظاهرات أو الوقفات معروفة الجهة المنظمة حاصلة على ترخيص الإدارة بمقتضى القانون حيث يحدد الزمن والمكان كي يتسنى للأجهزة الأمنية الحماية والتنظيم.
إلى هذا الحد، أنا شخصيا من مؤيدي هذه التظاهرات وفق هذه الشروط والضوابط.
فالمقاصد الشريفة، والمصالح العامة هي الضابط الأسمى في الجواز …
المظاهرات وسيلة محدثة للتعبير عن معاناة الناس وتنبيه المسؤولين بضرورة المعالجة الفورية.
وأنا أعلم فتاوي التحريم والتبديع من شيوخ السلفيين في الموضوع، ولست هنا لمناقشتها.
الآن، لو أن المظاهرات خرجت بدون ترخيص، لسبب أو لآخر، وأنها مجهولة الداعي، وأن هناك من يهيج ويجيش بدمج مقاطع تظاهرات وعنف في دول أخرى على أنها واقعة في التراب المغربي، وأن جهات معلومة لدى الدولة، كتنظيمات مغربية محظورة تسعى للخراب، أو أن هناك توجيهات من الخارج، لزرع الفتنة، والتشويش على ملف الصحراء المغربية، الذي هو على أبواب الحسم. والتشويش أيضاً على تنظيم كأس إفريقيا للأمم وكأس العالم في كرة القدم… حسداً من عند جيران السوء.
ياترى ما هو الحكم في هذه النازلة. خاصة نازلة اختيار الوقت، ونازلة قطع الطرقات كما حدث قبل يومين في الطريق السيار بالدار البيضاء، ورشق سيارات الأمن بالحجارة كما حدث في وجدة…
هل هذا الاختيار بريء؟ وهل تلك التصرفات تليق؟
لقد كان الفساد في الصحة والتعليم يزكم الأنوف من زمان وعقود… مع تثمين الجهود المبذولة في سبيل الإصلاح والتصحيح خاصة من قبل ملك البلاد حفظه الله.
فلماذا غابت هذه المظاهرات أو يكاد وقد كانت الحاجة ماسة وملحة؟
وأخيراً أسأل:
بالله عليكم، هل رأيتم تظاهرة واحدة من أجل الدين؟
من أجل الحياء والعفة، من أجل منع المحرمات… ؟التظاهرات والمظاهرات كلها من أجل الدنيا، من أجل الخبز، والبطانية وما إليهما، ولا أقصد التبخيس…
لهذا لم يخرج الشيوخ والعلماء ضمن الحشود دون أن تؤثر فيهم تساؤلات المتسائلين البريئة عن غيابهم، ولا انتقادات الرعاع الذين يغتنمون الفرص للضرب على قفى ورثة الأنبياء.
الشيخ محمد الفزازي 🖊