من لا يدافع عن القدس لا يفهم معنى المسيرة الخضراء

0


 

كان المغاربة دوما أمة تسير نحو العدل كما تسير نحو الوطن لا تفصل بين الإيمان بالتراب والإيمان بالحق يوم لبى أجدادهم نداء صلاح الدين عبروا الصحارى والبحار دون خوف ولا طمع ليقفوا على أسوار القدس يحملون راية الإسلام والحرية كما سيحمل أحفادهم بعد قرون راية المسيرة الخضراء نحو الصحراء المغربية بنفس القلب وبنفس الإيمان أن الأرض لا تسترجع إلا بالحق وأن النصر لا يكون إلا حين يتوحد الشعب خلف قيمه العليا

المغربي الذي خطا على رمال الصحراء عام 1975 لم يكن فقط يسترجع أرضا بل كان يكتب فصلا من ملحمة الأمة الواحدة كان يعلم أن الدفاع عن التراب هو وجه آخر للدفاع عن العدالة وأن حبه لوطنه لا يكتمل إلا بحبه للإنسان المقهور في أي مكان لذلك لم يكن غريبا أن يظل وجدان المغاربة مشدودا إلى فلسطين فكما لبوا نداء الحسن الثاني في المسيرة الخضراء لبوا من قبل نداء صلاح الدين واليوم يلبون نداء غزة

ليس في الوطنية ما يناقض التضامن مع فلسطين لأن الوطنية عند المغاربة ليست مجرد حدودا من رسم بل روحا من قيم نحن الذين بنينا وطننا على مقاومة الاستعمار لا يمكن أن نصمت على استعمار آخر نحن الذين عرفنا الظلم لا نقبل أن نرى طفلا في غزة يصرخ ولا نمد إليه القلب قبل اليد

من يقول إن التضامن مع فلسطين خطر على الوطن لم يقرأ تاريخ هذا الوطن المغرب قوي بإيمانه ووحدته لا بتركه للمبادئ وكم من دولة طبعت باسم المصلحة الوطنية فلم تجن إلا الضعف والاختراق أما المغرب فمصلحته الحقيقية في صيانة ضميره لأن الضمير هو الحصن الأخير ضد التبعية والهيمنة

فلسطين ليست بعيدة إنها في كل بيت مغربي في كل آية يتلوها طفل وشاب وكهل  وفي كل علم يرفرف في يوم المسيرة الخضراء لأن القضية الفلسطينية ليست قضية أرض فقط بل قضية كرامة والكرامة لا تتجزأ كما لا تتجزأ الوطنية من العدل

 إن الأمة التي سار أبناؤها  فوق رمال الصحراء لتأكيد سيادتها هي نفسها التي لم تتخل عن فلسطين لأنها تدرك أن من يفرط في القدس سيفرط غدا في وطنه وإن من يحمي وطنه بقيمه سيحمي الأمة كلها إن المسيرة الخضراء لم تنته بعد إنها تمتد اليوم في كل شارع يهتف للحق وفي كل قلب يرفض التطبيع وفي كل مغربي يرى في فلسطين مرآة لكرامته

هكذا تتصل المسيرتان مسيرة نحو الصحراء ومسيرة نحو القدس كلاهما طريق إلى الحرية وكلاهما دعوة إلى أن الوطنية ليست جدارا يعزلنا عن قضايا الأمة بل جسر يربطنا بها فالمغربي الحقيقي هو الذي يحب وطنه ويدافع عن المظلوم لأن حب الوطن من الإيمان والعدل من جوهر الإيمان.


عبد الحميد الرحا 🖊


التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !