لا جَرَمَ أن جماعة الإخوان و فروعها عبر العالم فيها من الخير ما لا ينكره الا من يبخس الناس أشيائهم..و لها من الأخطاء ما لا تسلم منه أية جماعة سياسية ..
و لكن هذا الوجود الطيب لجماعة الاخوان لا يمنع من تقييمها و الحكم لها و عليها في كذا دولة و كذا ساحة ..
و الحكم لا بد يختلف من بلد لآخر و الأمر مرتبط بوضع الدولة التي ينتمون اليها و بطبيعة المجتمع الذي يشتغلون منه و فيه ..
يفرض السؤال نفسه في الواقع السوري الجديد بخصوص شرعية وجود الجماعة بأدبياتها في سورية..هذا الواقع الذي برز بمشهد مغاير منفرد بعد ثورة السوريين من حيث أنه محطة جديدة في العالم العربي خلقت وضعا جديدا ..
اعتقد ان الجماعة يجب أن تتعلم من تجربة مدرسة احمد الشرع و خطواته الفكرية و العملية و الانتمائية ..
أحمد الشرع الذي يحكم دمشق اليوم بدأ من الفكر الجهادي العالمي ( القاعدة ) إلى الفكر الجهادي القطري ( النصرة ) إلى الفكر الذي يجمع و لا يفرق في ظل راية و طنية روحها الهوية و لا هوية للشام بلا إسلام..إلى التحرر من كل انتماء حزبي او تيار فكري و الاشتغال على مشروع شامل وطني يعمل بمؤسسات الدولة و يقرر القرارات من القصر الجمهوري في دمشق وفق مصالح المسلمين و مستقبل دولتهم..
لقد اعطى الشرع هدية الهدايا لجماعة الاخوان باسقاط نظام جلب الاحتلال و القتل و بالتالي يسهل على الجماعة التحول الواقعي و الموضوعي من جماعة تترصد ظروف اسقاط الانظمة بروح ثورية تنهل من قواميس الثورة العالمية إلى جماعة تخدم الوطن من داخل مؤسسات الوطن و بشراكة مع النظام السوري الذي انتجته ثورة المليون شهيد ضد نظام مجرم و قوى محتلة …و هذا يحتاج لتحول جذري في البنية الفكرية للجماعة..
انه لا معنى لوجود الجماعة اليوم في سورية و قد أسقطت أسباب وجودها ..
و لا معنى لوجود مرشد في ظل دولة لها مؤسسات و مؤسسة دينية من العلماء و المرشدين ..
و لا معنى لخلق جماعة في جماعة مجتمع يحكمه أحراره..
لا معنى لوجود جماعة غير قطرية يختلط عندها المحلي بالدولي ..
و لا معنى لوجود جماعة خطابها تأسس على كيفية الوصول للحكم و اسقاط الطاغية بالطرق السلمية ..خاصة و أنها تقترب كثيرا من شكل و ادبيات السياسة الإيرانية الرافضية التي تعتمد على مرشد يقود فكرة فاشلة كثورة عنوانها سلميّتنا اقوى من الرصاص …و هذا لم يعد مقبولا في سورية التي قطعت جذريا مع النظام المستبد و طرزت ايران و دينها و أذيالها…
في الواقع تجد عبر زمن الثورة أن الكثير من قواعد جماعة الاخوان قد انصهرت في معدن الثورة الوطني و تخندقت مع المجاهدين و الثوار في مسيرة التحرير فلم يعد ممكنا لقواعدها العودة إلى ما قبل محطة الاحتلال الايراني و الروسي المعلق على شماعة نظام الاسد إلى جماعة لم يعد لأدبياتها التغييرية السياسية معنى في ظل تغيير جذري للواقع ..
الجماعة في سورية لها اختيار واحد منطقي و هو تحولها إلى جمعية دعوية وطنية خدماتية تحت جناح الدولة و متماشية مع مشروعها المجتمعي ..
يمكن للجماعة ان تتحول إلى حزب سياسي بشرط انسلاخها عن خطابها القديم الذي كان رد فعل على الديكتاتورية و حكم الطغيان و اللا إسلام ..

