في زاويةٍ من الغيب،
يقف بابٌ خشبيٌّ قديم،
تشقّه فتحةٌ ضيّقة،
ينسلّ منها ضوءٌ لا يُشبه النهار،
ضوءٌ يعرف الأرواح،
ولا يُرى بالعين.
تقترب الروح،
خفيفةً كأنها تذكر الطريق،
لكنها مترددة،
تحمل في صدرها موقدًا جائعًا،
والبرد لا يرحم،
ولا تملك لموقد الشوق إلا عظامها.
تسأل الباب:
"ما هذا الضوء؟ أهو وعدٌ أم وهم؟
أأدخل فأحترق، أم أبقى فأتجمّد؟"
يرد الباب، بصوتٍ يشبه صرير الذكرى:
"هذا الضوء ليس لي،
إنه لكِ،
هو ما تبقّى منكِ حين نسيتِ نفسكِ،
هو ما تذكّركِ حين تنسين الطريق."
تتقدّم الروح،
تتخلّى عن السؤال،
وتحمل معها وجعًا قديمًا،
وشوقًا لا اسم له.
الضوء يحتضنها،
لا يفضحها،
بل يذيبها في المعنى،
كأنها لم تكن جسدًا،
بل نغمةً ضائعة،
عادت إلى مقامها الأول.
ثم يُغلق الباب،
لا لأن الرحلة انتهت،
بل لأن من دخل،
لم يعد كما كان.
هناء مبارك✍