فِي زَمَنٍ تَكَسَّرَتْ فِيهِ
الْمَرَايَا،
وَتَاهَتِ الْخَلَايَا فِي جَسَدٍ عَلِيلٍ،
يَنْهَضُ السُّؤَالُ مِنْ رَمَادِ
الْبُيُوتِ: هَلْ بَقِيَ لِلْأُسْرَةِ
ظِلٌّ يَحْمِيهَا مِنْ رِيَاحِ الْفَقْدِ؟
أَمْ صَارَ الطَّلَاقُ نَشِيدًا يَوْمِيًّا،
يُرَدِّدُهُ الْمُجْتَمَعُ عَلَى إِيقَاعِ
الانْهِيارِ؟
1/ الكَارِثَةُ الجَائِحَةُ
لَا شَكَّ أَنَّ الأُسْرَةَ هِيَ الْخَلِيَّةُ
الأَسَاسُ فِي جَسَدِ الْمُجْتَمَعِ؛ إِنْ صَلَحَتِ اسْتَقَامَ الْبِنَاءُ، وَإِنْ
فَسَدَتِ انْهَارَ الْكِيَانُ كُلُّهُ.
تَخْتَلِفُ نِسَبُ الطَّلَاقِ مِنْ بَلَدٍ
إِلَى آخَرَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَالثَّقَافَةِ وَالأَعْرَافِ، غَيْرَ أَنَّ
الْمَغْرِبَ الْيَوْمَ دَخَلَ نَفَقًا خَطِيرًا فِي عَلاقَةِ الرَّجُلِ
بِالْمَرْأَةِ، وَفِي مُؤَسَّسَةِ الزَّوَاجِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ.
الأَرْقَامُ صَادِمَةٌ: 65 أَلْفَ حَالَةِ
طَلَاقٍ سَنَةَ 2024، وَأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ مَلَايِين عَانِسٍ (دُونَ
احْتِسَابِ فِئَةِ الْعِشْرِينَاتِ)، إِضَافَةً إِلَى 44 أَلْفَ طِفْلٍ مِنْ
أَبْنَاءِ السِّفَاحِ فِي الدَّارِ الْبَيْضَاءِ وَحْدَهَا، وَمَا خَفِيَ فِي
بَاقِي الْمُدُنِ أَعْظَمُ.
وَالْمُفَارَقَةُ الْمُؤْلِمَةُ أَنَّ وَزِيرَ
الْعَدْلِ فِي الْحُكُومَةِ الْحَالِيَّةِ، بَدَلَ أَنْ يَسْعَى إِلَى إِعَادَةِ
بِنَاءِ مُؤَسَّسَةِ الزَّوَاجِ كَخَلِيَّةٍ صِحِّيَّةٍ، يَنْشَغِلُ بِتَفْعِيلِ
قَوَانِينٍ تَسْمَحُ بِمَا يُسَمَّى "الْعَلاقَاتِ الرِّضَائِيَّةِ"،
فِي تَجَاهُلٍ صَارِخٍ لِوَاقِعٍ اجْتِمَاعِيٍّ يَزْدَادُ تَدَهْوُرًا.
تَتَنَوَّعُ أَسْبَابُ الطَّلَاقِ فِي
الْمَغْرِبِ، أَبْرَزُهَا:
- الْفَقْرُ وَضُغُوطُ الْمَعِيشَةِ
- الْخِيَانَةُ الزَّوْجِيَّةُ
- اخْتِلَافُ أَسَالِيبِ تَرْبِيَةِ
الأَبْنَاءِ
- الْعُنْفُ الزَّوْجِيُّ
الْمُتَبَادَلُ
- تَغَيُّرُ الأَدْوَارِ الاجْتِمَاعِيَّةِ
لِلْمَرْأَةِ مَعَ خُرُوجِهَا لِلْعَمَلِ بَعِيدًا عَنْ ثَقَافَةِ الأُسْرَةِ
- ضَعْفُ التَّوَاصُلِ وَتَدَخُّلَاتُ الأُسَرِ الْمُمْتَدَّةِ
2/ الحَلُّ
المَطْلُوبُ هُوَ الاسْتِفَادَةُ مِنْ
تَجَارِبِ الدُّوَلِ الَّتِي نَجَحَتْ فِي الْحَدِّ مِنْ نَزِيفِ الطَّلَاقِ
وَانْحِلَالِ الرَّوَابِطِ الاجْتِمَاعِيَّةِ، وَإِعَادَةِ الطَّلَاقِ إِلَى
وَضْعِهِ الطَّبِيعِيِّ كَحَلٍّ أَخِيرٍ لِمَشَاكِلَ مُسْتَعْصِيَةٍ لَا عِلَاجَ
لَهَا إِلَّا بِالانْفِصَالِ.
وَلِتَحْقِيقِ ذَلِكَ، يَنْبَغِي:
- إِطْلَاقُ بَرَامِجَ تَدْرِيبِيَّةٍ
إِلْزَامِيَّةٍ لِلْمُقْبِلِينَ عَلَى الزَّوَاجِ.
- سَنُّ قَوَانِينٍ تَضْبِطُ إِجْرَاءَاتِ
الطَّلَاقِ وَتَفْرِضُ فَتْرَةَ انْتِظَارٍ تَتَخَلَّلُهَا دَوْرَاتٌ
تَوْجِيهِيَّةٌ.
- إِنْشَاءُ لِجَانٍ لِلإِصْلَاحِ
الأُسْرِيِّ تَعْمَلُ عَلَى الْوِسَاطَةِ وَحَلِّ النِّزَاعَاتِ.
- تَنْظِيمُ دَوْرَاتٍ تَوْعَوِيَّةٍ
لِلزَّوْجَيْنِ لِتَعْزِيزِ مَهَارَاتِ التَّوَاصُلِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ.
- اشْتِرَاطُ الْحُصُولِ عَلَى شَهَادَةِ
تَكْوِينٍ قَبْلَ الزَّوَاجِ، يَتَعَلَّمُ فِيهَا الطَّرَفَانِ مَعْنَى
الشَّرَاكَةِ وَكَيْفِيَّةَ إِدَارَةِ مُؤَسَّسَةِ الزَّوَاجِ بِاعْتِبَارِهَا
رَابِطَةً مُقَدَّسَةً.
وَمَعَ كُلِّ هَذَا الْخَرَابِ، يَظَلُّ
الأَمَلُ بَذْرَةً عَنِيدَةً،
تَبْحَثُ عَنْ أَرْضٍ خَصْبَةٍ لِتَعُودَ
الأُسْرَةُ جَنَّةً لَا جَحِيمًا.
فَلْتَكُنِ الْقَوَانِينُ جُسُورًا،
وَالتَّرْبِيَةُ ضَوْءًا،
وَلْتَكُنِ الْمَحَبَّةُ عَهدا لا ينكسر
عندها فقط، سيعود الزواج قصيدةً مقدسة،
ويغدو الطلاق فاصلةً أخيرة لاتُكتب إلا حين يستحيل الكلام

