الجزائر - حكاية بلد لا يريد أن يتغير

0



كَأَنَّنَا أَمَامَ شَبَحٍ مِنْ عَصْرٍ بَائِدْ.

يَتَشَبَّثُ بِالقَمْعِ وَالحَدِيدْ.

وَيُعِيدُ إِنْتَاجَ الجَبَرُوتِ كَأَنَّهُ قَدَرٌ مَكْتُوبْ.

نِظَامٌ بِلَا شَرْعِيَّهْ يَقْتَاتُ مِنْ رُكَامِ التاريخْ بِلَا ضَمِيرْ.

يَسْتَنْشِقُ الخَوْفَ وَيُسْقَى مِنَ الخِيَانَهْ. 

العَصْرُ القَدِيمُ بِمُعَادَلَاتِهِ مَا زَالَ يَفْرِضُ ظِلَالَهُ الثَّقِيلَةَ عَلَى النِّظَامِ الجَزَائِرِيّْ، يُطِلُّ فِي هَيْئَةِ نِظَامٍ يَائِسٍ تَحْكُمُهُ زُمْرَةٌ مِنَ العَجَزَةِ العَسْكَرِيِّينَ الانْقِلَابِيِّينْ.

نِظَامٌ بَئِيسٌ بِلَا شَرْعِيَّهْ وَلَا مُرُوءَه.

شَهِدَتِ الجَزَائِرُ فِي الفَتْرَةِ المُمتَدَّةِ مِنْ عَامِ 1991 إِلَى عَامِ 2002 انْقِلَابًا عَسْكَرِيًّا دَمَوِيًّا، انْدَلَعَتْ عَلَى إِثْرِهِ مُقَاوَمَةٌ شَعْبِيَّةٌ مُسَلَّحَه وَثَوْرَةٌ تُكْمِلُ مَسَارَ ثَوْرَةِ التَّحْرِيرِ الجَزَائِرِيّْ بِسَبَبِ إِلْغَاءِ نَتَائِجِ الانْتِخَابَاتِ التَّشْرِيعِيَّةِ الَّتِي فَازَتْ فِيهَا الجَبْهَةُ الإِسْلَامِيَّةُ لِلإِنْقَاذِ بِأَغْلَبِيَّةٍ سَاحِقَه،مِمَّا تَسَبَّبَ فِي جَرَائِمَ وَاسِعَةِ النِّطَاقِ قَامَتْ بِهَا عِصَابَةُ النِّظَامِ ضِدَّ شَعْبِهَا، مَعَ اعْتِقَالِ عَشَرَاتِ الآلَافِ وَإِعْدَامَاتٍ قَضَائِيَّةٍ وَمَيْدَانِيَّه.

وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الفَتْرَةُ المُؤْلِمَةُ بِالعَشْرِيَّةِ السَّوْدَاءِ، إِذِ ارْتَكَبَ فِيهَا النِّظَامُ الحَاكِمُ بِالحَدِيدِ وَالنَّارِ مَجَازِرَ بَشِعَةً فِي حَقِّ الشَّعْبِ الجَزَائِرِيِّ أَوْدَتْ بِحَيَاةِ رُبْعِ مِلْيُونٍ مِنْ أَبْنَاءِ الجَزَائِرِ الشَّقِيقْ. 

فِي سَنَةِ 1975 طَرَدَ هَذَا النِّظَامُ المُجْرِمُ المَغَارِبَةَ مِنَ الجَزَائِرْ، فِي مَا سُمِّيَ بِالمَسِيرَةِ السَّوْدَاءْ ،وَهِيَ عَمَلِيَّةٌ شَمَلَتْ طَرْدَ 75 أَلْفَ عَائِلَةٍ مَغْرِبِيَّه، وَوَصَلَ عَدَدُ المُهَجَّرِينَ إِلَى نَحْوِ 350 أَلْفَ شَخْصٍ، وَقَدْ بَدَأَتْ صَبَاحَ عِيدِ الأَضْحَى بَعْدَ شَهْرٍ عَلَى المَسِيرَةِ الخَضْرَاءِ المَظَفَّرَه.

حَاقِدٌ هُوَ هَذَا النِّظَامُ الانْقِلَابِيُّ العَسْكَرِيّْ،لَا دِينٍ لَهُ وَلَا ضَمِيرْ، إِذْ سَهُلَ عَلَيْهِ طَرْدُ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ مَغْرِبِيٍّ فِي يَوْمِ عِيدٍ مُبَارَكْ، فِي مَشْهَدٍ يَخْتَزِلُ قَسْوَةَ التَّارِيخِ حِينَ يَتَحَكَّمُ بِهِ الوُحُوشْ.

وَمِنَ الصَّحْرَاءِ الغَرْبِيَّةِ إِلَى الصَّحْرَاءِ الشَّرْقِيَّة و الَّتِي فَتَحَ مِلَفَّهَا الشَّعْبُ المَغْرِبِيُّ مُطَالِبًا بِهَا وَبِدَحْرِ قُوَّاتِ الاحْتِلَالِ الجَزَائِرِيِّ مِنْهَا، فَالحَقُّ لَا يَمُوتُ بِالتَّقَادُمْ.

وَإِنَّ هَذَا النِّظَامَ ذَاتَهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الجَزَائِرَ، وَهِيَ الدَّوْلَةُ الإِسْلَامِيَّةُ وَالعَرَبِيَّةُ الوَحِيدَه تَصُوِّتُ ضِدَّ عَوْدَةِ سَبْتَةَ وَمَلِيلِيَةَ إِلَى وَطَنِهِمَا، وَضِدَّ اسْتِقْلَالِهِمَا، زَعْمًا لِلاِحْتِلَالِ الإِسْبَانِيِّ لِلْمَدِينَتَيْنِ السَّلِيبَتَيْنِ، ضِدًّا عَلَى الدِّينِ وَالتَّارِيخِ وَالهُوِيَّةِ وَالجُغْرَافِيَا. 

إِلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الجَارِيَةِ 2025 يَعِيشُ النِّظَامُ الجَزَائِرِيُّ حَسْمًا فِي هَزِيمَتِهِ الَّتِي تَتَكَرَّرُ مَعَ جَارِهِ المَغْرِبِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مُسْتَوًى وَفِي أَيِّ مَجَالٍ كَانَ، إِذْ خَسِرَ مَعْرَكَةَ الصَّحْرَاءِ المَغْرِبِيَّةِ بِخَسَارَةٍ كَامِلَةِ الأَرْكَانْ، بَعْدَمَا بَدَّدَ مِلْيَارَاتِ الدُّولَارَاتِ فِي ظِلِّ شَعْبٍ يَحْتَضِرْ.

سِلْسِلَةُ هَزَائِمَ سِيَاسِيَّةٍ بَدَأَتْ عَسْكَرِيَّةً مِنْ حَرْبِ الرِّمَالِ إِلَى حَرْبِ أَمْكَالَا الأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَمَعَارِكٍ أُخْرَى، وَالَّتِي انْتَصَرَتْ فِيهَا   وَأَلْحَقَتْ دِمَارًا وَاسِعًا بِالجَيْشِ الجَزَائِرِيِّ، وَلَوْلَا تَدَخُّلُ دُوَلٍ وَمُنَظَّمَاتٍ دُوَلِيَّةٍ وَسَاطَةً بَيْنَ البَلَدَيْنِ لَكَانَ رَفْعُ عَلَمِ المَغْرِبِ فِي العَاصِمَةِ الجَزَائِرِ مَسْأَلَةَ وَقْتْ فَقَطْ.

تَصْوِيتٌ دُوَلِيٌّ بِإِجْمَاعٍ عَالَمِيٍّ لِمَجْلِسِ الأَمْنِ عَلَى سِيَادَةِ المَغْرِبِ عَلَى صَحْرَائِهِ الغَرْبِيَّه.وَ رَبِحَ نِظَامُ العَسْكَرِ الانْقِلَابِيِّ خِيَامًا وَعَلَمًا دَاخِلَ رُقْعَتِهِ الجُغْرَافِيَّةِ اسْمُهَا دَوْلَةُ الوَهْمِ "البُولِيسَارْيُو"، فِي مُتْحَفٍ عَلَى الهَوَاءِ الصَّحْرَاوِيِّ لَا يُسِرُّ النَّاظِرِينْ.

أَمَّا فَضِيحَتُهُ الجَدِيدَةُ فَقَدْ كَانَتْ مَعَ قَضِيَّةِ فِلَسْطِين، إِذْ سَقَطَ القِنَاعُ وَتَعَرَّى الوَجْهُ؛ فَقَدْ صَوَّتَتِ الجَزَائِرُ ضِدَّ قَضِيَّةِ الأُمَّةِ المَحْوَرِيَّةِ فِلَسْطِين فِي مَجْلِسِ الأَمْنِ، مُؤَيِّدَةً قَرَارًا مُعَادِيًا مَحْضًا، بَعْدَمَا كَانَتْ تَرْفَعُ شِعَارَ: "مَعَهَا ظَالِمَةً أَوْ مَظْلُومَةً"، لِتُسَانِدَ المَشْرُوعَ الأَمْرِيكِيَّ الدَّاعِمَ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا لِلاِحْتِلَالْ.

إِنَّهَا دَوْلَةُ الشَّرِّ وَالنِّفَاقْ، دَوْلَةٌ سَانَدَتْ إِيرَانَ وَنِظَامَ بَشَّارٍ المُجْرِمِ فِي قَتْلِ الشَّعْبِ السُّورِيِّ دَعْمًا لأَنْظِمَةٍ تُشْبِهُهَا فِي قَهْرِ شُعُوبِهَا وَقَتْلِهِمْ. 

نِظَامُ الجَزَائِرِ انْتَهَى زَمَنُ صَلَاحِيَّتِهِ مُنْذُ عُقُودْ.

إِنَّ دَوْلَةً بُتْرُولِيَّةً يَخْتَارُ شَعْبُهَا المَوْتَ فِي البِحَارِ هَرَبًا مِنَ القَمْعِ وَالفَقْرِ وَالفَسَادِ لَهِيَ دَوْلَةٌ كَاسِدَةٌ فِي مَنْظُومَةٍ فَاسِدَه،وَإِنَّ مَنْ بَقِيَ مِنْ شَعْبِهَا دُونَ الرَّحِيلِ تَجِدْ قَدَمَيْهِ تَعِبَتْ وُقُوفًا فِي طَوَابِيرِ الحَلِيبِ، وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ لِرَئِيسِ دَوْلَةٍ يَتَحَدَّثُ فِي لِقَاءٍ رَسْمِيٍّ مُتَلْفَزٍ عَنْ نَفَادِ العَدَسِ مِنَ السُّوقْ.

هَكَذَا يَتَهَاوَى نِظَامٌ فَقَدَ كُلَّ مَعْنًى، وَتَعَرَّى أَمَامَ شَعْبِهِ وَأَمَامَ العَالَمْ.

لَمْ يَبْقَ لَهُ سِوَى أَنْ يَكْتُبَ نِهَايَتَهُ بِنَفْسِهِ فِي صَفَحَاتٍ مِنَ العَارِ وَالخَيْبَةِ. وَمَا خَفِيَ أَعْظَمُ، وَمَا سَيَأْتِي أَدْهَى. 

و يَبْقَى المَسْرَحُ مَفْتُوحًا، وَالأَسْتَارُ مُعَلَّقَةً فِي هَوَاءِ المَصِيرِ، لَمْ تُسْدَلْ بَعْدُ عَلَى مَأْسَاةٍ تَتَكَرَّرُ فِي صُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَمَا الكَشْفُ إِلَّا بَدَايَةُ رِحْلَةٍ أَطْوَلَ، فَالحَقُّ يَتَجَدَّدُ كَمَا يَتَجَدَّدُ الفَجْرُ، وَإِنَّ الغُيُومَ السَّوْدَاءَ، مَهْمَا ثَقُلَتْ، لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَحْجُبَ شَمْسًا تَصْعَدُ مِنْ جَنَاحِ التَّارِيخِ، تُشِيرُ إِلَى أُمَّةٍ تَسْتَحِقُّ الحَيَاةَ وَتَكْتُبُ نِهَايَةَ المَسْرَحِيَّةِ السَّوْدَاءِ بِأَقْلَامِ النُّورْ.

عبد الحليم 🖊

التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !